من عمق الفراغ...
كانت لحظة فاصلة تلك التي أضاءت فيها المصابيح دون سابق إنذار، أو على الأقل هكذا بدت لي. لم يسبق لي -منذ أن وطئت قدمي هذا المسرح- أن رأيته مضاء بهذه الطريقة و بهذا الكم من مصابيح السقف. بدا مختلفا، أكثر كآبة و أكثر حزنا. لطالما تخيلته (المسرح)مهجورا من سواي غير أنه كان في حقيقة الأمر ممتلئا عن آخره. كان حيا جدا لكن خاليا من الروح. كان الصف الذي يتوسطه مقعدي خاليا من غيرا و كان هذا أمرا بديهيا إذ أنني لا أتخيل مدى الدهشة التي ستنتابني أو قوة الدهشة لو أن عقلي تجاهل كما هائلا من الحياة يتربع تماما بجواري. لاأزال أحاول لم شتات ابتسامتي التي أبدتها المفاجأة التالية التي حلت علي كالصاعقة، إذ أنه لطالما بدت الخشبة قريبة و الرؤية واضحة مما جعلني أتوهم أن موطن جلوسي يقع في الصف الأول أو على الأقل في صف من الصفوف الأولى، لأصعق بأنه إنما يقع في منتصف القاعة، بل إن هنالك متفرجين يحتلون مقاعد الصفوف الأولى جالسين بهدوء و سكون يتفرجون بنظرات ساخرة و ابتسامات متوترة، عيونهم مسمرة على الخشبة و لا تفارقها إلا بين الحين و الآخر ليلقي كل منهم نظرات على الآخرين من جيرانه، نظرات مجاملة، نفور و أحيانا است...