عن ماذا أتحدث عندما أتحدث عن الجحيم
كانت ثلاثة أيام مريعة و ثالثها كان أسوأها و أقلها احتمالا.. كانت ثلاثة أيام هبت فيها رياح عاتية بدت لي و كأنها هربت من صحراء جرداء ثم ضلت طريقها فاهتدت إلى مدينتنا بنفس الطريقة التي اهتدى بها "كولومبوس" إلى الأمريكيتين و لكم كان خوفي عظيما من أن يفعل بنا ما فعل بالسكان الأصليين، و قد استفحل هذا التوجس و استبد خاصة بعد أن بعد أن اتخذت الرياح تلك موقف المتطرفين من حركة الكوكب الأخضر، إذ أخذت تجول الأرض ذهابا و إيابا تنظفها و تعيد ما فيها من قاذورات إلى حيث تنتمي، إلى جحور من رماها. و طبعا و لأنها كريمة بطبعها (الرياح) لم يفتها أن تجاملهم بكثير من الغبار المجاني مما أوجب غلق المنافذ عليها من أبواب و نوافذ لتستحيل بيوتنا إلى نسخة مقلدة من أنفاق معتقل غوانتايامو. كانت ثلاثة أيام مريعة و ثالثها كان أسوأها.. ها هي ذي الأحوال تتغير من جديد، أحوال الرياح على الأقل، يبدو أنها قد فرغت من تنظيف الأرض و استَحَت أن تبقى كسولة عاطلة عن العمل فهرعت إلى الجحيم تهدف تنظيفه كذلك و لعلها جعلت له مخارج تهوية أيضا على الأرض و إلا فماذا كانت تلك الرياح الساخنة التي تلفحك حالما تخرج من جحرك،...