Articles

Affichage des articles du novembre, 2019

مجرد يوم آخر

أحيانا أجلس ساكنا محدقا في الخشبة لكنني مغيب عن الأداء و لا أرى غير الستار بلونه الأحمر الغاضب، أراه على شقيه يقف هادئا ساكنا، صامدا لا تجرؤ حتى نسمات الهواء القليلة -المتسربة من الحفر على الجدران على تحريكه- على تحريكه.. أتأمله و أرى في سكونه عتاب كل شق للشق الآخر و عقابا له بالاستسلام. يؤلمني أن أعرف أن هذا الخيار ربما يرحمه من الصور المتلاحقة المتسارعة على الخشبة لكنه لن يعفيه من الأصوات التي لن يستطيع في حال من الأحوال إسكاتها و سيقف مواجها له عاجزا أبد الدهر  عن تجاهلها. و إن نجى من فن الصورة فأي معجزة سيحتاج لينجو من علم الطاقة. كيف عساه ينجو من تلك الطاقات الانفعالية المتحررة من الأرض الخشبية و التي تعكسها الجدران معيدة إياها إلى قلب المصدر حيث تحترق لتعود أقوى و أسرع. كيف عساه لا يتمزق إلى تسعة و تسعين جزءا بعد ان تمر هذه الطاقات و تخترقه كرصاصة طائشة. كيف عشاه شقه لا يخون رفيقه و يتوزع شظايا تتقاذفها الرياح. كيف له أن يتمالك نفسه عن مناجاة الأغبرة و العناكب. هل يكون صموده لنفسه أم لحبيبه و رفيق دربه، أم أن حبه للبقاء يفوق عبثية وجوده و غموض دوره. هل عساه يرضى بالوجود فق...

تذكرة إلى العرض

أجلس على كرسي خشبي غامق، أتلمس شظايا الخشب المنفلتة من كرسي على يميني و أتأمل الستار الأحمر القاتم مفتوحا على مصرعيه مقدما عازفا يصرخ بالموسيقى فيلطم على إيقاعها راقص غريب يحدق بإعجاب برسام مفتون بالريشة التي تتراقص بين بين أصابعه سعيدة بطلائها الدموي الذي ارتوت منه شاكرة الممثل الجذاب الذي يدعي سفك الدماء عبثا   مضمرا استفادته منها. و على قدر إعجابي بجودة العرض المذهلة و بالأداء الممتع المتناسق للجميع هناك على خشبة العرض، و مع أنهم قالوا أن العرض هذا يدوم إلى الأبد إلا أنني قلق من أن هذا الاستعراض سينتهي عاجلا أم آجلا، خائف من ان الأبد يدوم فقط إلى أن يفنى الزمن.. أتفقد بنظرات عابرة لكن ثاقبة طرفي الستار يرتجفان و يتمايلان مشتاقين لبعضهما، غاضبين على شيء سواهما، فيبث حبهما القلق في نفسي لأخشى أن يهزم اشتياقهما ابتسامات الممثلين و المستعرضين، أخاف أن تتفوق همجيتهما على الكياسة التي يبديها الجميع على تلك الخشبة للجميع على تلك الخشبة. كل هذا يجعلني أشعر أحيانا برغبة جامحة في تقييد هذا الستار بكل   ما في العالم من حبال و الصراخ في وجهه عما يختلجني من رغبة في استمرار هذا العر...

الإنسان الفاضل

"الإنسان الفاضل" هذا اللقب الرنان البارق اللامع الذي له من القوة و السلطة ما يستطيع بها إغراء الناس ليبذلوا الغالي و النفيس في سبيله (أو على الأقل كان كذلك في زمن من الأزمان)، هذا اللقب الذي تسعى طائفة من المخلوقات الآدمية إلى استحقاقه و التوسم الشريف به بينما تولي طائفة ثانية اهتمامها لنيله ظاهريا و اسميا فقط دونما اي التزام صريح بما يستوجبه هذا الفعل من التزام بقيم الفضيلة و الدماثة و رقي الأخلاق، و إنما في حقيقة الأمر تكون محاولة الظهور بمظهر الإنسان الفاضل لدى الطائفة الأخيرة مدفوعة بنوايا خبيثة و محفزة بدوافع خسيسة نابعة من رغبة مرضية أنانية في الحصول على مجمل المنافع الظاهرية المادية و المعنوية التي تجود بها مجتمعاتنا على كل من ترى فيه لمحة من فضيلة أو بعضا من الاستعداد لإبدائها (أو على الأقل كانت(المجتمعات) تفعل ذلك في فترة من الفترات). و إن كان كل ما سبق ذكره في الأسطر السالفة يوحي بشيء عن الفضيلة فإنما يوحي بأنها ظاهرة مجردة محيرة تحمل من المعاني و التأثيرات الكثير و بالتأكيد ستحفز التساؤل و الشك و التشكيك في ماهيتها، و بناء على هذا فأنه لابد لنا من طرح جملة أسئلة...