تذكرة إلى العرض


أجلس على كرسي خشبي غامق، أتلمس شظايا الخشب المنفلتة من كرسي على يميني و أتأمل الستار الأحمر القاتم مفتوحا على مصرعيه مقدما عازفا يصرخ بالموسيقى فيلطم على إيقاعها راقص غريب يحدق بإعجاب برسام مفتون بالريشة التي تتراقص بين بين أصابعه سعيدة بطلائها الدموي الذي ارتوت منه شاكرة الممثل الجذاب الذي يدعي سفك الدماء عبثا  مضمرا استفادته منها. و على قدر إعجابي بجودة العرض المذهلة و بالأداء الممتع المتناسق للجميع هناك على خشبة العرض، و مع أنهم قالوا أن العرض هذا يدوم إلى الأبد إلا أنني قلق من أن هذا الاستعراض سينتهي عاجلا أم آجلا، خائف من ان الأبد يدوم فقط إلى أن يفنى الزمن.. أتفقد بنظرات عابرة لكن ثاقبة طرفي الستار يرتجفان و يتمايلان مشتاقين لبعضهما، غاضبين على شيء سواهما، فيبث حبهما القلق في نفسي لأخشى أن يهزم اشتياقهما ابتسامات الممثلين و المستعرضين، أخاف أن تتفوق همجيتهما على الكياسة التي يبديها الجميع على تلك الخشبة للجميع على تلك الخشبة. كل هذا يجعلني أشعر أحيانا برغبة جامحة في تقييد هذا الستار بكل  ما في العالم من حبال و الصراخ في وجهه عما يختلجني من رغبة في استمرار هذا العرض و لو لبضع لحظات بعد الأبد، لكنني أتمالك نفسي و أذكرها بأنه من غير المقبول بتاتا أن يفسد تهورها و تهدم وقاحتها كل هذا الانسجام الذي اجتهد المؤدون في إبداعه، فأجلس من جديد أمني تفسي بهكذا انسجام في عالمي لكني لا أنفك أتذكر بأن عالما لا يوجد به غيري لا سبيل له إلى التناسق...  

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

مراجعة رواية "الفيل الأزرق" للروائي المصري "أحمد مراد".

مذكرات كاتب بجتر الموت: عندما يعبث بالموت العقلاء

مذكرات كاتب يجتر الموت: آخر ملوك السماء