لحظات بين أحضان الموت : عودة الألم الأعظم

       اللحظة الأولى: عودة الألم الأعظم  #
من قال أننا بشر ؟؟؟ .... أنا اعترض .... نحن لسنا كذلك...
آلاف الجثث المتحللة المتعفنة تملأ المكان، و تعبق الأجواء برائحتها المميزة، تلك المنازل المدمرة أنصافها، تلك الكتب المتناثرة، الأیدي التي تمتد من تحت تلك الأنقاض، الأنفاس المتسارعة، تلك الثواني التي تفصل الحیاة عن الموت، تلك اللحظات التي يقابل فیھا طفل قنبلة بابتسامة عریضة، تلك الحیاة التي تغدو فیھا الحیاة أمنية و حلما، تلك الأنفس التي تنادي الموت فاتحة أذرعها، مھللة، مستقبلة، لیس لأنھا سئمت الحیاة- لا، أبدا-إنما لأنھا سئمت الموت ذاته، الموت مرات و مرات، فأصبحت تنادیه، أصبحت تطلبه لمرة واحدة و إلى لأبد، لا أدري كيف أمكنكم التساؤل عن نھایة العالم، و عن الكیفیة التي سیتم بھا الأمر، بل إني لا أفھم ما الذي جعلكم تظنون أن العالم فعلیا مازال قائما، أحیانا أتساءل أھو كذلك فعلا... كیف نثبت ذلك... كیف نثبت أننا ندیر عالما في الوقت الذي نعجز فيه عن إثبات بشریتنا التي نعتبرها حقيقة مطلقة، بسيطة و بديهية... ألیس الأمر مضحكا، نوع من الكومیدیا التراجیدیة، أم أنه تراجیدیا كومیدیة، لم أعد أدري لكني أعرف أني لا أریدك أن تزعج عقلك الثمین بأسئلتي ھذه ... أرجوك لا تفعل فأنا على علم مسبق بنتائج ذلك... فقط دعني أمنحك الإجابة التي تتطلع إلیھا بشدة، عزیزي لقد دمر العالم منذ زمن طویل ومنذ أمد بعید جدا، و نحن الآن نعیش فقط على أنقاضه التي سرعان ما ستتھاوى و تتدمر و تنتھي، و لا، لسنا بشرا أیضا، نحن فقط نتاج تكاثر أشباه البشر الذين استوطنوا العالم بعدما استشھد سكانه... معظمنا كذلك... معظمنا ليس سوى وحوش بأجساد جذابة، عقول فارغة،
قلوب ميتة و أفعال سادية. لكم تمنيت لو أني خلقت مع الأرض جنب إلى جنب علني أعاشر البشر لبعض الوقت و أتذوق الحياة لفترة، كان كل شيء ليكون مختلفا عما هو الآن، كنت لأكون مختلفا. لكن هذا الأمر أيضا يدخل في نطاق قائمة من ألف رجاء مستحيل التحقيق و التحقق.












Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

مراجعة رواية "الفيل الأزرق" للروائي المصري "أحمد مراد".

مذكرات كاتب بجتر الموت: عندما يعبث بالموت العقلاء

مذكرات كاتب يجتر الموت: آخر ملوك السماء